الجنس : تاريخ التسجيل : 12/11/2017المساهمات : 23نقاط : 66
موضوع: ما هي سكرة الموت ؟ الخميس نوفمبر 16, 2017 11:24 am
سكرة الموت تعبير قرآني جاء في قوله الله عَزَّ و جَلَّ: ﴿ وَجَاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ذَٰلِكَ مَا كُنْتَ مِنْهُ تَحِيدُ ﴾ .
غمرات الموت كما و أن هناك تعبيراً قرآنياً آخر مشابهاً له و هو غمرات الموت، قال عَزَّ مِنْ قائل: ﴿ ... وَلَوْ تَرَىٰ إِذِ الظَّالِمُونَ فِي غَمَرَاتِ الْمَوْتِ وَالْمَلَائِكَةُ بَاسِطُو أَيْدِيهِمْ أَخْرِجُوا أَنْفُسَكُمُ الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ بِمَا كُنْتُمْ تَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ وَكُنْتُمْ عَنْ آيَاتِهِ تَسْتَكْبِرُونَ ﴾ . و سكرة الموت أو سكرات الموت أو غمرات الموت هي الشدائد الخاصة التي يلاقيها الميت قُبيل موته و عند خروج الروح من بدنه. و سكرة الموت هي حالة خاصة مصحوبة بالشدة ذات التأثير الكبير على روح الإنسان و جسمه، و من تأثيراتها حصول حالة شديدة من الذهول و السُكر لدى المحتضر، و هذه الحالة تغلب عليه فتغيِّرُ فهمه و عقله فيصبح المحتضر في تلك الحالة كالسكران، و لذلك عُبِّرَ عنها بسكرة الموت. قال العلامة الطريحي: قوله تعالى : ﴿ وَجَاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ... ﴾ أي شدته التي تغلبه و تغير فهمه و عقله كالسكر من الشراب.
درجات شدة سكرات الموت سكرة الموت هي من أصعب الحالات التي يمرُّ بها الانسان في نهاية حياته الدنيوية عند الاحتضار و لدى خروج الروح من بدنه، و هذه الحالة ليست بمستوى واحد لدى جميع المحتضرين، بل تختلف نسبتها بين الخفيفة جداً و بين القوية جداً، و هناك من لا يرى سكرة الموت و شدتها بل تكون لحظة احتضاره بداية راحته و خلاصه من متاعب الدنيا، فيجد نفسه في روح و ريحان، فقد رُوِيَ عن الإمام علي بن موسى الرضا عليه السلام، عَنْ أَبِيهِ مُوسَى بْنِ جَعْفَرٍ عليه السلام أنَّهُ قَالَ: قِيلَ لِلصَّادِقِ عليه السلام: صِفْ لَنَا الْمَوْتَ؟ قَالَ: "لِلْمُؤْمِنِ كَأَطْيَبِ رِيحٍ يَشَمُّهُ فَيَنْعُسُ لِطِيبِهِ وَ يَنْقَطِعُ التَّعَبُ وَ الْأَلَمُ كُلُّهُ عَنْهُ، وَ لِلْكَافِرِ كَلَسْعِ الْأَفَاعِيِّ وَ لَدْغِ الْعَقَارِبِ وَ أَشَدَّ". قِيلَ: فَإِنَّ قَوْماً يَقُولُونَ إِنَّهُ أَشَدُّ مِنْ نَشْرٍ بِالْمَنَاشِيرِ، وَ قَرْضٍ بِالْمَقَارِيضِ، وَ رَضْخٍ بِالْأَحْجَارِ، وَ تَدْوِيرِ قُطْبِ الْأَرْحِيَةِ عَلَى الْأَحْدَاقِ؟ قَالَ: "كَذَلِكَ هُوَ عَلَى بَعْضِ الْكَافِرِينَ وَ الْفَاجِرِينَ، أَ لَا تَرَوْنَ مِنْهُمْ مَنْ يُعَايِنُ تِلْكَ الشَّدَائِدَ، فَذَلِكُمُ الَّذِي هُوَ أَشَدُّ مِنْ هَذَا الْأَمْرِ عَذَابُ الْآخِرَةِ، فَإِنَّهُ أَشَدُّ مِنْ عَذَابِ الدُّنْيَا". قِيلَ: فَمَا بَالُنَا نَرَى كَافِراً يَسْهُلُ عَلَيْهِ النَّزْعُ فَيَنْطَفِي وَ هُوَ يُحَدِّثُ وَ يَضْحَكُ وَ يَتَكَلَّمُ، وَ فِي الْمُؤْمِنِينَ أَيْضاً مَنْ يَكُونُ كَذَلِكَ، وَ فِي الْمُؤْمِنِينَ وَ الْكَافِرِينَ مَنْ يُقَاسِي عِنْدَ سَكَرَاتِ الْمَوْتِ هَذِهِ الشَّدَائِدَ؟ فَقَالَ: "مَا كَانَ مِنْ رَاحَةٍ لِلْمُؤْمِنِ هُنَاكَ فَهُوَ تَعْجِيلُ ثَوَابٍ، وَ مَا كَانَ مِنْ شَدِيدٍ فَتَمْحِيصُهُ مِنْ ذُنُوبِهِ لِيَرِدَ الْآخِرَةَ نَقِيّاً نَظِيفاً مُسْتَحِقّاً لِلثَّوَابِ الْأَبَدِ لَا مَانِعَ لَهُ دُونَهُ، وَ مَا كَانَ مِنْ سُهُولَةٍ هُنَاكَ عَلَى الْكَافِرِ فَلِيُوَفَّى أَجْرَ حَسَنَاتِهِ فِي الدُّنْيَا لِيَرِدَ الْآخِرَةَ وَ لَيْسَ لَهُ إِلَّا مَا يُوجِبُ عَلَيْهِ الْعَذَابَ، وَ مَا كَانَ مِنْ شِدَّةٍ عَلَى الْكَافِرِ هُنَاكَ فَهُوَ ابْتِدَاءُ عَذَابِ اللَّهِ لَهُ، ذَلِكُمْ بِأَنَّ اللَّهَ عَدْلٌ لَا يَجُورُ".
علة الابتلاء بسكرات الموت إن سكرات الموت تكون بمثابة المصفاة بالنسبة لكثير من الناس، فعَنْ الامام مُحَمَّدِبْنِ عَلِيٍّ الجواد عليه السلام ، عَنْ أَبِيهِ عليه السلام، أنَّهُ قَالَ: دَخَلَ مُوسَى بْنُ جَعْفَرٍ عليه السلام عَلَى رَجُلٍ قَدْ غَرِقَ فِي سَكَرَاتِ الْمَوْتِ، وَ هُوَ لَا يُجِيبُ دَاعِياً. فَقَالُوا لَهُ: يَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ، وَدِدْنَا لَوْ عَرَفْنَا كَيْفَ الْمَوْتُ، وَ كَيْفَ حَالُ صَاحِبِنَا؟ فَقَالَ: "الْمَوْتُ هُوَ الْمِصْفَاةُ، يُصَفِّي الْمُؤْمِنِينَ مِنْ ذُنُوبِهِمْ، فَيَكُونُ آخِرُ أَلَمٍ يُصِيبُهُمْ كَفَّارَةَ آخِرِ وِزْرٍ بَقِيَ عَلَيْهِمْ، وَ يُصَفِّي الْكَافِرِينَ مِنْ حَسَنَاتِهِمْ، فَيَكُونُ آخِرَ لَذَّةٍ أَوْ رَاحَةٍ تَلْحَقُهُمْ و هُوَ آخِرُ ثَوَابِ حَسَنَةٍ تَكُونُ لَهُمْ، وَ أَمَّا صَاحِبُكُمْ هَذَا فَقَدْ نُخِلَ مِنَ الذُّنُوبِ نَخْلًا، وَ صُفِّيَ مِنَ الْآثَامِ تَصْفِيَةً، وَ خُلِّصَ حَتَّى نُقِّيَ كَمَا يُنَقَّى الثَّوْبُ مِنَ الْوَسَخِ، وَ صَلُحَ لِمُعَاشَرَتِنَا أَهْلَ الْبَيْتِ فِي دَارِنَا دَارِ الْأَبَدِ"